أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اما بَعْدُ:فَإِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- خَلَقَ الجَنَّةَ وَأَعَدَّها لِعِبَادِهِ الـمُتَّقِينَ الـمُسْتَجِيبِينَ لِأَوَامِرِهِ،الـمُجْتَنِبِينَ لِنَواهِيهِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِعِبَادِهِ أَسْباباً كَثِيرَةً لِيَفُوزُوا بِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَلِيَغْنَمُوا جِوَارَ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ،وَالنَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَذَلِكَ مِنْ رَحْمَتِهِ بِعِبادِهِ، وَفَضْلِهِ وَمَنِّهِ وَإِحْسانِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَسْبابِ: حُسْنُ الخُلُقِ وَمَكارِمُ الصِّفَاتِ، وَالَّتِي هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ، بِهَا تُنالُ الدَّرَجَاتُ، وَتُرْفَعُ المقَامَاتُ، وَتُكْسَبُ بِهَا القُلُوبُ، وَتَتَأَثَّرُ بِهَا النُّفُوسُ.وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ r عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ، وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَ التَّقْوَى وَحُسْنِ الخُلُقِ،فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .وَقَدْ خَصَّ اللهُ جَلَّ وَعَلَا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا r بِآيَةٍ جَمَعَتْ لَهُ مَحَامِدَ الأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الآدَابِ، فَقَالَ عَزَّ جَلَّ:وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، فَحُسْنُ الخُلُقِ يُوجِبُ التَّحَابَّ وَالتَّآلُفَ، وَسُوءُ الخُلُقِ يُثْمِرُ التَّباغُضَ وَالتَّحاسُدَ وَالتَّدَابُرَ.
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ:إِنَّ حُسْنَ الخُلُقِ: هُوَ طَلَاقَةُ الوَجْهِ، وَبَذْلُ الـمَعْرُوفِ،وَكَفُّ الأَذَى عَنِ النَّاسِ، هَذَا مَعَ مَا يُلَازِمُ الـمُسْلِمَ مِنْ كَلَامٍ حَسَنٍ، وَمُدَارَةٍ لِلْغَضَبِ، وَاحْتِمَالِ الأَذَى.وَأَوْصَى النَّبِيُّ أَبا هُرَيْرَةَ t بِوَصِيَّةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ: «يَا أَبا هُرَيْرَةَ: عَلَيْكَ بِحُسْنِ الخُلُقِ، قَالَ: وَمَا حُسْنُ الخُلُقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ.وتَأَمَّلْ - أَخِي الكَرِيمَ - الأَثَرَ العَظِيمَ وَالثَّوَابَ الجَزِيلَ لِهَذِهِ المَنْقَبَةِ المَحْمُودَةِ والْـخَصْلَةِ الطَّيِّبَةِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.وَعَدَّ النَّبِيُّ r حُسْنَ الخُلُقِ مِنْ كَمَالِ الإِيمَانِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:أَكْمَلُ الْـمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسائِهِمْ خُلُقاً.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.وَعَلَيْكَ بِامْتِثَالِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ:أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْـمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْـمَدِينَةِ ، شَهْرًا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّوَالـمُسْلِمُ مَأْمُورٌ بِالكَلِمَةِ الهَيِّنَةِ اللَّيِّنَةِ لِتَـكُونَ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ؟، أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ.رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ.مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. بَلْ وَحَتَّى التَّـبَسُّمُ الَّذِي لَا يُكَلِّفُ الـمُسْلِمَ شَيْئًا لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ:تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ التَّوْجِيهَاتِ النَّبَوِيَّةَ فِي الحَثِّ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ وَاحْتِمَالِ الأَذَى كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَسِيرَتُهُ r نَمُوذَجٌ يُحْتَذَى بِهِ فِي حُسْنِ الخُلُقِ مَعَ نَفْسِهِ، وَمَعَ زَوْجَاتِهِ، وَمَعَ جِيرَانِهِ، وَمَعَ ضُعَفَاءِ الـمُسْلِمِينَ، وَمَعَ جَهَلَتِهِمْ، بَلْ وَحَتَّى مَعَ الكَافِرِ، قَالَ تَعَالَى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.فَعَلَيْكَ - أَخِي المُسْلِمَ - بِوَصِيَّةِ النَّبِيِّ r الجَامِعَةِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِــعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
جَعَلَنْا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمُ الرَّسُولُ r: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَـكُمْ أَخْلَاقًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ والـمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ، اللَّهُمَّ حَسِّنْ أَخْلَاقَنَا وَجَمِّلْ أَفْعَالَنا، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الـمُسْلِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّهُ رَبُّنا وَيَرْضاهُ، نَحْمَدُهُ تَعَالَى وَنَشْكُرُهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:فَيَا عِبادَ اللهِ: لَقَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ أَلَا وَهُوَ حُسْنُ الخُلُقِ، وَنَذْكُرُ بَعْضَ الأَعْمَالِ الأُخْرَى الـمُقَرِّبَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالَّتِي قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِ الجَنَّةِ، مِنْهَا: التَّوْحِيدُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ قَالَ:مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا.رَوَاهُ البُخَارِيُّ.وَمِنْهَا أَيْضاً: صِلَةُ الرَّحِمِ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ.رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.وَمِمَّا يُدْخِلُ النِّسَاءَ الجَنَّةَ: طَاعَةُ الـمَرْأَةِ زَوْجَهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: إِذَا صَلَّتِ الـمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ دَخَلَتْ جَنَّةَ رَبِّها.رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ .كَذَلِكَ يَا عِبَادَ اللهِ، مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ وَيَكُونُ سَبَبًا فِي دُخُولِـهِمُ الجَنَّةَ: تَرْبِيَةُ وَإِعَالَةُ البَنَاتِ أَوِ الأَخَوَاتِ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَمِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ أَيْضًا: الـمُحَافَظَةُ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مَعَ الفَرَائِضِ؛ فَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَمْلَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ.رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَمِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ -عِبَادَ اللهِ-: قِيَامُ اللَّيْلِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ.رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ t أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ أَيْضاً - أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ-: الـمَشْيُ إِلَى الـمَسَاجِدِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الـمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ.رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ كَذَلِكَ: الـمُحَافَظَةُ عَلَى صَـلَاتَيِ الفَـجْرِ وَالعَصْرِ؛ فَعَنْ أَبِي زُهَيْرٍ عِمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا.رَوَاهُ مُسْلِمٌيَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ . بَلْ إِنَّ الـمُحَافَظَةَ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ سَبَبٌ فِي رُؤْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِحَدِيثِ:إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا.رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.وَأَخِيراً -عِبَادَ اللهِ- فَإِنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ r وَاتِّبَاعَ سُنَّتِهِ سَبَبٌ رَئِيسٌ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قِيلَ: وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى.رَوَاهُ البُخَارِيُّ
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ أَعْلِ كَلِمَةَ الحَقِّ وَالدِّينِ، وَانْصُرِ الإِسْلَامَ، وَأَعِزَّ الـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالـمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا لِـمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَانْفَعْ بِهِمُ البِلَادَ وَالْعِبَادَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُمْ نَصْراً وَعِزّاً لِلْمَظْلُومِينَ وَالْـمَكْرُوبِينَ إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اما بَعْدُ:فَإِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- خَلَقَ الجَنَّةَ وَأَعَدَّها لِعِبَادِهِ الـمُتَّقِينَ الـمُسْتَجِيبِينَ لِأَوَامِرِهِ،الـمُجْتَنِبِينَ لِنَواهِيهِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِعِبَادِهِ أَسْباباً كَثِيرَةً لِيَفُوزُوا بِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَلِيَغْنَمُوا جِوَارَ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ،وَالنَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَذَلِكَ مِنْ رَحْمَتِهِ بِعِبادِهِ، وَفَضْلِهِ وَمَنِّهِ وَإِحْسانِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَسْبابِ: حُسْنُ الخُلُقِ وَمَكارِمُ الصِّفَاتِ، وَالَّتِي هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ، بِهَا تُنالُ الدَّرَجَاتُ، وَتُرْفَعُ المقَامَاتُ، وَتُكْسَبُ بِهَا القُلُوبُ، وَتَتَأَثَّرُ بِهَا النُّفُوسُ.وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ r عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ، وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَ التَّقْوَى وَحُسْنِ الخُلُقِ،فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .وَقَدْ خَصَّ اللهُ جَلَّ وَعَلَا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا r بِآيَةٍ جَمَعَتْ لَهُ مَحَامِدَ الأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الآدَابِ، فَقَالَ عَزَّ جَلَّ:وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، فَحُسْنُ الخُلُقِ يُوجِبُ التَّحَابَّ وَالتَّآلُفَ، وَسُوءُ الخُلُقِ يُثْمِرُ التَّباغُضَ وَالتَّحاسُدَ وَالتَّدَابُرَ.
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ:إِنَّ حُسْنَ الخُلُقِ: هُوَ طَلَاقَةُ الوَجْهِ، وَبَذْلُ الـمَعْرُوفِ،وَكَفُّ الأَذَى عَنِ النَّاسِ، هَذَا مَعَ مَا يُلَازِمُ الـمُسْلِمَ مِنْ كَلَامٍ حَسَنٍ، وَمُدَارَةٍ لِلْغَضَبِ، وَاحْتِمَالِ الأَذَى.وَأَوْصَى النَّبِيُّ أَبا هُرَيْرَةَ t بِوَصِيَّةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ: «يَا أَبا هُرَيْرَةَ: عَلَيْكَ بِحُسْنِ الخُلُقِ، قَالَ: وَمَا حُسْنُ الخُلُقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ.وتَأَمَّلْ - أَخِي الكَرِيمَ - الأَثَرَ العَظِيمَ وَالثَّوَابَ الجَزِيلَ لِهَذِهِ المَنْقَبَةِ المَحْمُودَةِ والْـخَصْلَةِ الطَّيِّبَةِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.وَعَدَّ النَّبِيُّ r حُسْنَ الخُلُقِ مِنْ كَمَالِ الإِيمَانِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:أَكْمَلُ الْـمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسائِهِمْ خُلُقاً.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.وَعَلَيْكَ بِامْتِثَالِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ:أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْـمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْـمَدِينَةِ ، شَهْرًا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّوَالـمُسْلِمُ مَأْمُورٌ بِالكَلِمَةِ الهَيِّنَةِ اللَّيِّنَةِ لِتَـكُونَ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ؟، أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ.رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ.مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. بَلْ وَحَتَّى التَّـبَسُّمُ الَّذِي لَا يُكَلِّفُ الـمُسْلِمَ شَيْئًا لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ:تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ التَّوْجِيهَاتِ النَّبَوِيَّةَ فِي الحَثِّ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ وَاحْتِمَالِ الأَذَى كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَسِيرَتُهُ r نَمُوذَجٌ يُحْتَذَى بِهِ فِي حُسْنِ الخُلُقِ مَعَ نَفْسِهِ، وَمَعَ زَوْجَاتِهِ، وَمَعَ جِيرَانِهِ، وَمَعَ ضُعَفَاءِ الـمُسْلِمِينَ، وَمَعَ جَهَلَتِهِمْ، بَلْ وَحَتَّى مَعَ الكَافِرِ، قَالَ تَعَالَى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.فَعَلَيْكَ - أَخِي المُسْلِمَ - بِوَصِيَّةِ النَّبِيِّ r الجَامِعَةِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِــعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
جَعَلَنْا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمُ الرَّسُولُ r: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَـكُمْ أَخْلَاقًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ والـمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ، اللَّهُمَّ حَسِّنْ أَخْلَاقَنَا وَجَمِّلْ أَفْعَالَنا، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الـمُسْلِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّهُ رَبُّنا وَيَرْضاهُ، نَحْمَدُهُ تَعَالَى وَنَشْكُرُهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:فَيَا عِبادَ اللهِ: لَقَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ أَلَا وَهُوَ حُسْنُ الخُلُقِ، وَنَذْكُرُ بَعْضَ الأَعْمَالِ الأُخْرَى الـمُقَرِّبَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالَّتِي قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِ الجَنَّةِ، مِنْهَا: التَّوْحِيدُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ قَالَ:مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا.رَوَاهُ البُخَارِيُّ.وَمِنْهَا أَيْضاً: صِلَةُ الرَّحِمِ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ.رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.وَمِمَّا يُدْخِلُ النِّسَاءَ الجَنَّةَ: طَاعَةُ الـمَرْأَةِ زَوْجَهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: إِذَا صَلَّتِ الـمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ دَخَلَتْ جَنَّةَ رَبِّها.رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ .كَذَلِكَ يَا عِبَادَ اللهِ، مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ وَيَكُونُ سَبَبًا فِي دُخُولِـهِمُ الجَنَّةَ: تَرْبِيَةُ وَإِعَالَةُ البَنَاتِ أَوِ الأَخَوَاتِ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.وَمِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ أَيْضًا: الـمُحَافَظَةُ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مَعَ الفَرَائِضِ؛ فَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَمْلَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ.رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَمِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ -عِبَادَ اللهِ-: قِيَامُ اللَّيْلِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ.رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ t أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ أَيْضاً - أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ-: الـمَشْيُ إِلَى الـمَسَاجِدِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الـمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ.رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ كَذَلِكَ: الـمُحَافَظَةُ عَلَى صَـلَاتَيِ الفَـجْرِ وَالعَصْرِ؛ فَعَنْ أَبِي زُهَيْرٍ عِمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ t قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا.رَوَاهُ مُسْلِمٌيَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ . بَلْ إِنَّ الـمُحَافَظَةَ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ سَبَبٌ فِي رُؤْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِحَدِيثِ:إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا.رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.وَأَخِيراً -عِبَادَ اللهِ- فَإِنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ r وَاتِّبَاعَ سُنَّتِهِ سَبَبٌ رَئِيسٌ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قِيلَ: وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى.رَوَاهُ البُخَارِيُّ
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ أَعْلِ كَلِمَةَ الحَقِّ وَالدِّينِ، وَانْصُرِ الإِسْلَامَ، وَأَعِزَّ الـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالـمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا لِـمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَانْفَعْ بِهِمُ البِلَادَ وَالْعِبَادَ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُمْ نَصْراً وَعِزّاً لِلْمَظْلُومِينَ وَالْـمَكْرُوبِينَ إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.