بسم الله الرحمن الرحيم من الجزائر نصرالدين حسين
شبه قواعد بسيطة للرقاة وللناس
1- الكثير من مسائل الرقية اجتهادية وليست محل اتفاق , لأنه لم يرد فيها نص من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس أو ...ومنه فيمكن أن يقول راقي قولا وأنا أقول قولا آخر , بدون أن يكونَ أي حرج علي أو عليه هو . ربما في قوله بعضُ الصواب وفي قولي أنا بعضُ الصواب , وربما الصوابُ في أحد القولين ولكن اللهَ وحده أعلمُ ما هو هذا القول وأين هو الصواب بالفعلِ ؟.
2- عندما يشتكي الشخصُ من أعراض معينة نفسية أو بدنية أو عصبية أو ... فإن الأصلَ هو مراجعةُ الطبيب العضوي أو النفسي أو العصبي , فإذا ظهر بأن المشكلَ عضوي أو نفسي أو عصبي فالعلاجُ يتم عند الطبيب , وأما إن تبين بأن الشخصَ ليس به شيء لا عضويا ولا نفسيا ولا عصبيا , فإننا نلجأ عندئذ للراقي الشرعي . هذا مع ملاحظتين :
الأولى : أحيانا يؤكدُ الطبيبُ بأنه ليس بالمريض شيء , ومع ذلك عند مراجعة طبيب آخر تتبين حقيقةُ المرض العضوي أو النفسي أو العصبي ويعالجُ المريضُ عند الطبيب ويشفى تماما وبسهولة وبسرعة بإذن الله .
الثانية : في أحيان أرى أنها قليلة يمكن – ولا بأس بذلك - أن يذهبَ المريضُ مباشرة ومن الوهلة الأولى عند الراقي الشرعي ليرقيه لا عند الطبيب ليداويه , وذلك عندما تظهرُ أعراضٌ كثيرة مجتمعة تجعلنا نظنُّ بأن هناك سحرا أو عينا أو جنا أصابت المريضَ أو عندما تجتمعُ مجموعة قرائن أحوال ومجموعة ملابسات للمرض وأعراضه تجعلُ المريضَ أو أهله يغلبُ على ظنهم أن سببَ المرض هو إما سحرٌ أو عين أو جن . ولكن يبقى الأصلُ – عندي وفي نظري – هو أن المريضَ يستشير الطبيبَ أولا , سواء الطبيب الاصطناعي أو طبيبَ الأعشاب إن وُجِدَ .
3- تشخيصُ الأمراض النفسيبة وكذا تشخيص السحر أو العين أو الجن ظني إلى حد كبير , بخلاف تشخيص الأمراض العضوية الذي يعتبر قطعيا إلى حد ما . ومنه فإن قال لك راقي " بك سحرٌ أو عين أو جن " أو ...فخذْ ما قال لك " بتحفظ " , لأن التشخيصَ ظني ولأنه من الصعبِ جدا أن يُـقدم لك الراقي الدليلَ القطعي والحجة الساطعة والبرهان الجلي و ... على أنك بالفعل مسحورٌ أو معيون أو مصاب بجن . والمريضُ كما يجبُ عليه احترامَ الرقاة وتقديرهم لأنهم عموما من أولياء الله تعالى , يجب عليه كذلك أن لا يقفَ أمام الراقي الشرعي مكتوفَ اليدين مغلولَ العقل والتفكير , شأنُـه كشأن الميت أمام مغسله , لا يسمع إلا بأذن الراقي ولا يرى إلا بعين الراقي ولا يفكر إلا بعقل الراقي و... هذا غيرُ مقبول نهائيا من المريض ولا من أهل المريض . نعم إن قال لك الراقي " أنت بك سحرٌ أو عين أو جن " ثم رقاك ثم شُفيتَ بعد الرقية فإن تشخيصَ الراقي يصبح محترما وصادقا وصائبا إلى حد كبير , وأما إن لم تُـشفَ فإن كلامَ الراقي وتشخيصَه يبقى دعوى وزعما قد يكون صوابا وقد لا يكون .
4- الأصلُ - ولم أقل دوما , لأن الشافي في النهاية هو اللهُ وحده يؤتي الشفاءَ متى شاء وكيفما شاء ولمن شاء - أن المريضَ يتخلصُ من مرضه ( سحرٌ أو عين أو جن ) برقية واحدة أو رقيتين أو ... وليس ب 10 رقيات أو عشرين أو ثلاثين أو ... وأنا أظن بأن الراقي عندما يقولُ للمريض " تلزمك 10 رقيات أو ... حتى تُشفى " , فهو إما راقي يطلبُ أكلَ مال المريض بالباطل ومنه هو يعمل من أجل ربطه بنفسه لأطول فترة ممكنة حتى يجلبَ من المريض بالباطلِ أكبرَ مبلغ ممكن . وإما أن الراقي ( إن فرضنا بأنه صادقٌ ومخلصٌ ) مخطئٌ في نظري . ومنه أنا من سنوات وسنوات عندما أرقي الشخصَ مرة أو مرتين ثم لا يُـشفى أقولُ له " إما أن تحاولَ مع طبيب وإما أن تراجعَ راقيا آخر , فلعل الله لم يشفك على يدي وقد يشفيكَ بإذنه تعالى على يد غيري ". وأنا لا أقبل – غالبا- أن أرقيَ الشخصَ لـ3 مرات أو أكثر حتى لا أكونَ ثقيلا على المريض , حتى وإن أكد لي المريضُ بأنني خفيفٌ جدا عليه .
5- في بعض الأحيان : الشخصُ الذي طلبَ الرقيةَ ليس به مرض لا عضوي ولا نفسي ولا عصبي ولا سحر أو عين أو جن , ولكنه فقط " مُوسوس" اقـتـنع مع الوقت ( سواء من نفسه أو من غيره أو أن راقيا معينا هو الذي أقنعه ) بأنه مريضٌ وهو في حقيقة الأمر ليس مريضا البتة . وأنا عرفتُ وعاينتُ وشاهدتُ في الـ 22 سنة الماضية كثيرا من الحالات التي أتنقل فيها عند المريض أو يتنقل فيها المريض عندي , لا من أجل أن أرقيه ولكن فقط من أجل أن أقنعه بأنه ليس بمريض , وأنا أشهدُ - والحمد لله - أنه في أغلبية هذه الحالات يوفقني الله لتخليص الشخصِ من شكه , ثم يظهر عليه الشفاء التام وتظهر عليه العافية التامة خلال أيام قليلة أو خلال أسبوع أو أسبوعين فقط , بعدما عانى مع " شكه " لمدة طويلة . وأما القليلون الذين لا أستطيعُ تخليصَهم من شكهم فإنهم يبقون مع معاناتهم حتى يشفيهم الله على يد من يشاءُ وكيفما يشاءُ .
وفي بعض الأحيان أصادفُ أشخاصا ليس بهم شيء وهم يعتقدون اعتقادا جازما بأن بهم سحرا أو عينا أو جنا , وأحاولُ أن أخلصهم من شكهم فلا أقدر , فألجأ عندئذ إلى الرقية الشرعية بأن أرقي الشخصَ فـيُشفى في الحين بإذن الله , لا لأنه بالفعل كان مصابا ولكن لأنني عندما رقيتُـه ( طبعا أنا أرفضُ أن أكذبَ عليه وأقولَ له : بك كذا , وفي الحقيقة ليس به شيء ) اطمأن وارتاح وزال شكه لأنه اعتبر نفسه مصابا وما دام قد رقاه راق فإنه شُفي , هكذا فكر هو مع نفسه .
إذن أنا أؤكد هنا على أنه ليس كل من قال " أنا مسحور أو معيون أو مصاب بجن " أو من قيل له ذلك , هو مصابا بالفعل .
6- الأفضل للراقي عند الله وعند الناس , لو يتجنبُ التشخيصَ ما استطاع حتى لا يقع في الخطأ وحتى يكون مع الله ومع نفسه ومع الناس أكثرَ صدقا , وحتى لا يسيءَ خاصة إلى نفسه وإلى المريض . الأفضلُ لو يرقي ثم يقولُ للمريض " أنا رقيتك , أنا قدمتُ الأسبابَ ويبقى الباقي على الله عزوجل " . ولا بأس بطبيعة الحال أن يبقى الراقي – بعد الرقية - متصلا بالمريض من أجل التأكد من شفائه , أو من أجل إعادة الرقية له مرة ثانية إن لزم ذلك , أو من أجل توجيهه عند راق آخر , أو من أجل توجيهه عند طبيب عضوي أو نفسي أو عصبي .
7- حتى وإن كان أخذ الراقي للأجر من المريض جائزٌ عند بعض الفقهاء , فإنني أرى أن الأفضلَ ثم الأفضل ثم الأفضل عدمُ ذهاب المريض عند أي راقي يأخذ أيَّ سنتيم كأجر على الرقية لأسباب :
* منها أن بعض العلماء – مثل الشيخ مبارك الميلي رحمه الله – قال بعدم جواز أخذ الأجرة إلا بعد التأكد من الشفاء , واستند في ذلك على الحديث الصحيح الوارد في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخذ الأجر على الرقية .
* * ومنها أن كل العلماء اتفقوا على أن عدمَ أخذ الأجرة أفضلُ بكل تأكيد من أخذها .
* * * ومنها أن الواقعَ يصرخُ ويُصرح في كل يوم معلنا بأنه ربما في كل 10 ( عشرة ) رقاة يأخذون الأجرَ على الرقية ربما واحدٌ منهم فقط مؤمنٌ طيب قنوع صادق مخلص تقي وورع و... وأما ال 9 الآخرين فهم بكلمة مختصرة ليسوا رقاة شرعيين ولكنهم دجالون ومشعوذون وكذابون ولصوص و...بأتم معاني هذه الكلمات .
8- قد تنفعُ الرقية الشرعية – أحيانا – في علاج الأمراض العضوية أو النفسية أو العصبية ( قلتُ : أحيانا ) , خاصة قبل الذهاب عند الطبيب أو بعد عجز الطبيب عن علاج المريض . وأما السحرُ أو العين أو الجن فلا بد له من أجل علاجه من راق أو من رقية شرعية , وإلا فلن ينفع – بشكل عام – أطباءُ الدنيا كلها في علاج ذلك لأنه خارج تماما عن اختصاصهم , وهذه ميزة للرقية الشرعية .
9- الدواء الاصطناعي الكيميائي أو دواءُ طبيب الأعشاب ينفع ( بإذن الله طبعا ) سواء مع صدق وإخلاص أو مع غير ذلك , وينفع المؤمنَ والكافر على حد سواء , وأما الرقيةُ الشرعية بالقرآن والمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن من شروطها حتى تأتي بثمرتها الطبيبة وبالشفاء ( بإذن الله طبعا ) أن يكون معها الصدق والإخلاص وهي تصلحُ من مؤمن ولا معنى ولا قيمة لها إن تمت من كافر أو مَن كان في حكم الكافر . وهذه ميزة للطب المادي سواء منه الاصطناعي الكيميائي أو طب الأعشاب .
10- لا خلاف في أن الأفضلَ للمريض لو يرقي نفسَه بنفسه , خاصة إن كان له العلم والوعي الكافيين . صحيحٌ أنه يجوز له أن يذهبَ عند راقي يتوسم فيه العلمَ والإيمان ليرقيه , ولكنه مما لا شك فيه أن رُقيتَـه لنفسه أعظمُ بركة وكذلك فإن أجرَه عند الله سيكون أكبرَ إن رقى نفسه بنفسه ولم يذهب عند راق ليرقيه . الذي يعرفُ ما يلزم معرفته من علم الرقى الأفضلُ له أن يرقيَ نفسَه وكذا المرضى من أهله . هذا فضلا عن أن المريضَ قد يتأثر نفسيا تأثرا سيئا من كثرة تردده على الرقاة أو على راق معين , ولو خلال مدة قصيرة . وأما إن رقى نفسَه بنفسه فإن معنوياته تبقى عالية وإن نفسيته تبقى قوية ولو طال زمنُ العلاج وتكررت الرقيةُ لعدة مرات . وهذا أمرٌ مشاهد وملاحظ ومؤكد .
11- الأصلُ في الرقية الشرعية أنها تُـخلص المريضَ بإذن الله تماما من مرضه , وأما إن كان المريضُ بالرقية يُشفى لمدة قصيرة ثم يمرضُ من جديد , وعند إعادة الرقية يُشفى من جديد , وهكذا ...فمعنى ذلك أن الرقيةَ لم تأت بثمرتها الطيبة الكاملة والمنتظرة والمرجوة . إننا عندما نطلبُ الرقيةَ الشرعيةَ , نحن نطلبُ الشفاءَ التامَّ من مرضنا , بإذن الله وبعلم الله وبمشيئة الله وبقوة الله القادر على كل شيء والشافي من كل سقم تبارك وتعالى .
12- إن فرضنا بأن شخصا ما كان يشتكي - من مدة خلت - من أعراض معينة نفسية أو عضوية أو عصبية , سواء كانت راجعة إلى مرض عضوي أو إلى مرض نفسي أو إلى السحر أو العين أو الجن , ثم تخلص نهائيا من هذه الأعراض , ومضى عليه زمان وهو معافى . إن فرضنا بأن هناك شخصا ما من هذا النوع فإنني أرى أن الأفضل له لو ينسى تماما ما وقع له أيام زمان , لأنه لا فائدة في النبش على هذه الذكريات السيئة , ثم إن كثرة التفكير في الماضي السيئ قد يكون مشكلا في حد ذاته . والشخصُ قد لا يكونُ أحيانا مصابا بشيء , ولكنه من كثرة التفكير في الماضي السيئ قد يصبحُ مريضا بالفعل .
والله وحده أعلم , وهو وحده الشافي أولا وأخيرا .
شبه قواعد بسيطة للرقاة وللناس
1- الكثير من مسائل الرقية اجتهادية وليست محل اتفاق , لأنه لم يرد فيها نص من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس أو ...ومنه فيمكن أن يقول راقي قولا وأنا أقول قولا آخر , بدون أن يكونَ أي حرج علي أو عليه هو . ربما في قوله بعضُ الصواب وفي قولي أنا بعضُ الصواب , وربما الصوابُ في أحد القولين ولكن اللهَ وحده أعلمُ ما هو هذا القول وأين هو الصواب بالفعلِ ؟.
2- عندما يشتكي الشخصُ من أعراض معينة نفسية أو بدنية أو عصبية أو ... فإن الأصلَ هو مراجعةُ الطبيب العضوي أو النفسي أو العصبي , فإذا ظهر بأن المشكلَ عضوي أو نفسي أو عصبي فالعلاجُ يتم عند الطبيب , وأما إن تبين بأن الشخصَ ليس به شيء لا عضويا ولا نفسيا ولا عصبيا , فإننا نلجأ عندئذ للراقي الشرعي . هذا مع ملاحظتين :
الأولى : أحيانا يؤكدُ الطبيبُ بأنه ليس بالمريض شيء , ومع ذلك عند مراجعة طبيب آخر تتبين حقيقةُ المرض العضوي أو النفسي أو العصبي ويعالجُ المريضُ عند الطبيب ويشفى تماما وبسهولة وبسرعة بإذن الله .
الثانية : في أحيان أرى أنها قليلة يمكن – ولا بأس بذلك - أن يذهبَ المريضُ مباشرة ومن الوهلة الأولى عند الراقي الشرعي ليرقيه لا عند الطبيب ليداويه , وذلك عندما تظهرُ أعراضٌ كثيرة مجتمعة تجعلنا نظنُّ بأن هناك سحرا أو عينا أو جنا أصابت المريضَ أو عندما تجتمعُ مجموعة قرائن أحوال ومجموعة ملابسات للمرض وأعراضه تجعلُ المريضَ أو أهله يغلبُ على ظنهم أن سببَ المرض هو إما سحرٌ أو عين أو جن . ولكن يبقى الأصلُ – عندي وفي نظري – هو أن المريضَ يستشير الطبيبَ أولا , سواء الطبيب الاصطناعي أو طبيبَ الأعشاب إن وُجِدَ .
3- تشخيصُ الأمراض النفسيبة وكذا تشخيص السحر أو العين أو الجن ظني إلى حد كبير , بخلاف تشخيص الأمراض العضوية الذي يعتبر قطعيا إلى حد ما . ومنه فإن قال لك راقي " بك سحرٌ أو عين أو جن " أو ...فخذْ ما قال لك " بتحفظ " , لأن التشخيصَ ظني ولأنه من الصعبِ جدا أن يُـقدم لك الراقي الدليلَ القطعي والحجة الساطعة والبرهان الجلي و ... على أنك بالفعل مسحورٌ أو معيون أو مصاب بجن . والمريضُ كما يجبُ عليه احترامَ الرقاة وتقديرهم لأنهم عموما من أولياء الله تعالى , يجب عليه كذلك أن لا يقفَ أمام الراقي الشرعي مكتوفَ اليدين مغلولَ العقل والتفكير , شأنُـه كشأن الميت أمام مغسله , لا يسمع إلا بأذن الراقي ولا يرى إلا بعين الراقي ولا يفكر إلا بعقل الراقي و... هذا غيرُ مقبول نهائيا من المريض ولا من أهل المريض . نعم إن قال لك الراقي " أنت بك سحرٌ أو عين أو جن " ثم رقاك ثم شُفيتَ بعد الرقية فإن تشخيصَ الراقي يصبح محترما وصادقا وصائبا إلى حد كبير , وأما إن لم تُـشفَ فإن كلامَ الراقي وتشخيصَه يبقى دعوى وزعما قد يكون صوابا وقد لا يكون .
4- الأصلُ - ولم أقل دوما , لأن الشافي في النهاية هو اللهُ وحده يؤتي الشفاءَ متى شاء وكيفما شاء ولمن شاء - أن المريضَ يتخلصُ من مرضه ( سحرٌ أو عين أو جن ) برقية واحدة أو رقيتين أو ... وليس ب 10 رقيات أو عشرين أو ثلاثين أو ... وأنا أظن بأن الراقي عندما يقولُ للمريض " تلزمك 10 رقيات أو ... حتى تُشفى " , فهو إما راقي يطلبُ أكلَ مال المريض بالباطل ومنه هو يعمل من أجل ربطه بنفسه لأطول فترة ممكنة حتى يجلبَ من المريض بالباطلِ أكبرَ مبلغ ممكن . وإما أن الراقي ( إن فرضنا بأنه صادقٌ ومخلصٌ ) مخطئٌ في نظري . ومنه أنا من سنوات وسنوات عندما أرقي الشخصَ مرة أو مرتين ثم لا يُـشفى أقولُ له " إما أن تحاولَ مع طبيب وإما أن تراجعَ راقيا آخر , فلعل الله لم يشفك على يدي وقد يشفيكَ بإذنه تعالى على يد غيري ". وأنا لا أقبل – غالبا- أن أرقيَ الشخصَ لـ3 مرات أو أكثر حتى لا أكونَ ثقيلا على المريض , حتى وإن أكد لي المريضُ بأنني خفيفٌ جدا عليه .
5- في بعض الأحيان : الشخصُ الذي طلبَ الرقيةَ ليس به مرض لا عضوي ولا نفسي ولا عصبي ولا سحر أو عين أو جن , ولكنه فقط " مُوسوس" اقـتـنع مع الوقت ( سواء من نفسه أو من غيره أو أن راقيا معينا هو الذي أقنعه ) بأنه مريضٌ وهو في حقيقة الأمر ليس مريضا البتة . وأنا عرفتُ وعاينتُ وشاهدتُ في الـ 22 سنة الماضية كثيرا من الحالات التي أتنقل فيها عند المريض أو يتنقل فيها المريض عندي , لا من أجل أن أرقيه ولكن فقط من أجل أن أقنعه بأنه ليس بمريض , وأنا أشهدُ - والحمد لله - أنه في أغلبية هذه الحالات يوفقني الله لتخليص الشخصِ من شكه , ثم يظهر عليه الشفاء التام وتظهر عليه العافية التامة خلال أيام قليلة أو خلال أسبوع أو أسبوعين فقط , بعدما عانى مع " شكه " لمدة طويلة . وأما القليلون الذين لا أستطيعُ تخليصَهم من شكهم فإنهم يبقون مع معاناتهم حتى يشفيهم الله على يد من يشاءُ وكيفما يشاءُ .
وفي بعض الأحيان أصادفُ أشخاصا ليس بهم شيء وهم يعتقدون اعتقادا جازما بأن بهم سحرا أو عينا أو جنا , وأحاولُ أن أخلصهم من شكهم فلا أقدر , فألجأ عندئذ إلى الرقية الشرعية بأن أرقي الشخصَ فـيُشفى في الحين بإذن الله , لا لأنه بالفعل كان مصابا ولكن لأنني عندما رقيتُـه ( طبعا أنا أرفضُ أن أكذبَ عليه وأقولَ له : بك كذا , وفي الحقيقة ليس به شيء ) اطمأن وارتاح وزال شكه لأنه اعتبر نفسه مصابا وما دام قد رقاه راق فإنه شُفي , هكذا فكر هو مع نفسه .
إذن أنا أؤكد هنا على أنه ليس كل من قال " أنا مسحور أو معيون أو مصاب بجن " أو من قيل له ذلك , هو مصابا بالفعل .
6- الأفضل للراقي عند الله وعند الناس , لو يتجنبُ التشخيصَ ما استطاع حتى لا يقع في الخطأ وحتى يكون مع الله ومع نفسه ومع الناس أكثرَ صدقا , وحتى لا يسيءَ خاصة إلى نفسه وإلى المريض . الأفضلُ لو يرقي ثم يقولُ للمريض " أنا رقيتك , أنا قدمتُ الأسبابَ ويبقى الباقي على الله عزوجل " . ولا بأس بطبيعة الحال أن يبقى الراقي – بعد الرقية - متصلا بالمريض من أجل التأكد من شفائه , أو من أجل إعادة الرقية له مرة ثانية إن لزم ذلك , أو من أجل توجيهه عند راق آخر , أو من أجل توجيهه عند طبيب عضوي أو نفسي أو عصبي .
7- حتى وإن كان أخذ الراقي للأجر من المريض جائزٌ عند بعض الفقهاء , فإنني أرى أن الأفضلَ ثم الأفضل ثم الأفضل عدمُ ذهاب المريض عند أي راقي يأخذ أيَّ سنتيم كأجر على الرقية لأسباب :
* منها أن بعض العلماء – مثل الشيخ مبارك الميلي رحمه الله – قال بعدم جواز أخذ الأجرة إلا بعد التأكد من الشفاء , واستند في ذلك على الحديث الصحيح الوارد في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخذ الأجر على الرقية .
* * ومنها أن كل العلماء اتفقوا على أن عدمَ أخذ الأجرة أفضلُ بكل تأكيد من أخذها .
* * * ومنها أن الواقعَ يصرخُ ويُصرح في كل يوم معلنا بأنه ربما في كل 10 ( عشرة ) رقاة يأخذون الأجرَ على الرقية ربما واحدٌ منهم فقط مؤمنٌ طيب قنوع صادق مخلص تقي وورع و... وأما ال 9 الآخرين فهم بكلمة مختصرة ليسوا رقاة شرعيين ولكنهم دجالون ومشعوذون وكذابون ولصوص و...بأتم معاني هذه الكلمات .
8- قد تنفعُ الرقية الشرعية – أحيانا – في علاج الأمراض العضوية أو النفسية أو العصبية ( قلتُ : أحيانا ) , خاصة قبل الذهاب عند الطبيب أو بعد عجز الطبيب عن علاج المريض . وأما السحرُ أو العين أو الجن فلا بد له من أجل علاجه من راق أو من رقية شرعية , وإلا فلن ينفع – بشكل عام – أطباءُ الدنيا كلها في علاج ذلك لأنه خارج تماما عن اختصاصهم , وهذه ميزة للرقية الشرعية .
9- الدواء الاصطناعي الكيميائي أو دواءُ طبيب الأعشاب ينفع ( بإذن الله طبعا ) سواء مع صدق وإخلاص أو مع غير ذلك , وينفع المؤمنَ والكافر على حد سواء , وأما الرقيةُ الشرعية بالقرآن والمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن من شروطها حتى تأتي بثمرتها الطبيبة وبالشفاء ( بإذن الله طبعا ) أن يكون معها الصدق والإخلاص وهي تصلحُ من مؤمن ولا معنى ولا قيمة لها إن تمت من كافر أو مَن كان في حكم الكافر . وهذه ميزة للطب المادي سواء منه الاصطناعي الكيميائي أو طب الأعشاب .
10- لا خلاف في أن الأفضلَ للمريض لو يرقي نفسَه بنفسه , خاصة إن كان له العلم والوعي الكافيين . صحيحٌ أنه يجوز له أن يذهبَ عند راقي يتوسم فيه العلمَ والإيمان ليرقيه , ولكنه مما لا شك فيه أن رُقيتَـه لنفسه أعظمُ بركة وكذلك فإن أجرَه عند الله سيكون أكبرَ إن رقى نفسه بنفسه ولم يذهب عند راق ليرقيه . الذي يعرفُ ما يلزم معرفته من علم الرقى الأفضلُ له أن يرقيَ نفسَه وكذا المرضى من أهله . هذا فضلا عن أن المريضَ قد يتأثر نفسيا تأثرا سيئا من كثرة تردده على الرقاة أو على راق معين , ولو خلال مدة قصيرة . وأما إن رقى نفسَه بنفسه فإن معنوياته تبقى عالية وإن نفسيته تبقى قوية ولو طال زمنُ العلاج وتكررت الرقيةُ لعدة مرات . وهذا أمرٌ مشاهد وملاحظ ومؤكد .
11- الأصلُ في الرقية الشرعية أنها تُـخلص المريضَ بإذن الله تماما من مرضه , وأما إن كان المريضُ بالرقية يُشفى لمدة قصيرة ثم يمرضُ من جديد , وعند إعادة الرقية يُشفى من جديد , وهكذا ...فمعنى ذلك أن الرقيةَ لم تأت بثمرتها الطيبة الكاملة والمنتظرة والمرجوة . إننا عندما نطلبُ الرقيةَ الشرعيةَ , نحن نطلبُ الشفاءَ التامَّ من مرضنا , بإذن الله وبعلم الله وبمشيئة الله وبقوة الله القادر على كل شيء والشافي من كل سقم تبارك وتعالى .
12- إن فرضنا بأن شخصا ما كان يشتكي - من مدة خلت - من أعراض معينة نفسية أو عضوية أو عصبية , سواء كانت راجعة إلى مرض عضوي أو إلى مرض نفسي أو إلى السحر أو العين أو الجن , ثم تخلص نهائيا من هذه الأعراض , ومضى عليه زمان وهو معافى . إن فرضنا بأن هناك شخصا ما من هذا النوع فإنني أرى أن الأفضل له لو ينسى تماما ما وقع له أيام زمان , لأنه لا فائدة في النبش على هذه الذكريات السيئة , ثم إن كثرة التفكير في الماضي السيئ قد يكون مشكلا في حد ذاته . والشخصُ قد لا يكونُ أحيانا مصابا بشيء , ولكنه من كثرة التفكير في الماضي السيئ قد يصبحُ مريضا بالفعل .
والله وحده أعلم , وهو وحده الشافي أولا وأخيرا .